ما وراء الخبر- حجم وتداعيات المخاطر التي تهدد دلتا مصر – 2009

حجم وتداعيات المخاطر التي تهدد دلتا مصر
مقدمة الحلقة: خديجة بن قنة
ضيوف الحلقة:

  • فاروق الباز/ عالم فضاء عربي
  • ضياء الدين القوصي/ خبير بقضايا المياه والبيئة
  • سفيان عارف التل/ مقرر المجلس التنفيذي للبرنامج الأممي للبيئة
    تاريخ الحلقة: 23/8/2009

تتوقف الحلقة عند تقرير أوردته صحيفة غارديان البريطانية وحذرت فيه من احتمال غرق أجزاء كبيرة من دلتا مصر خلال العقود المقبلة.

– حجم الأخطار الحقيقية التي تتهدد دلتا النيل
– تداعيات الظاهرة والخطوات المطلوبة لمواجهتها

خديجة بن قنةخديجة بن قنة
فاروق البازفاروق الباز
ضياء الدين القوصيضياء الدين القوصي
سيفان عارف التلسيفان عارف التل

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا وسهلا بكم. نتوقف معكم في هذه الحلقة عند تقرير أوردته صحيفة الغارديان البريطانية وحذرت فيه من احتمال غرق أجزاء كبيرة من دلتا مصر خلال العقود المقبلة. وفي حلقتنا محوران، لماذا خص التقرير الدلتا بهذه التحذيرات الصارمة وما حجم الأخطار الحقيقية التي تتهددها؟ وما الذي يمكن فعله لتفادي المخاطر التي حذر منها التقرير الأخير وتقارير أخرى سابقة؟… في ديسمبر/ كانون الأول عام 2007 دعت مصر أمام المؤتمر الوزاري للتغيرات المناخية في إندونيسيا دعت إلى وضع قائمة بالدول المهددة باحتمال ارتفاع منسوب البحار نتيجة التغيرات المناخية العالمية، دعوة كانت تستبطن حقيقة المخاطر التي تتربص بدلتا مصر والتي يقول تقرير جديد إنها ربما تصل حد إغراق أجزاء كبيرة منها في غضون العقود المقبلة.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: تذكروا هذه الخارطة جيدا فمصر قد تتغير حدودها الشمالية في العقود القليلة القادمة إذا ما صدقت توقعات لتقرير اللجنة الحكومية الأميركية للتغيير المناخي أكدت أن الدلتا التي عندها يتصل نهر النيل بسواحل المتوسط على امتداد 240 كيلومترا مهددة بالاختفاء الكامل في مستقبل غير بعيد، خطر يقول رئيس اللجنة المرشح الرئاسي السابق في الولايات المتحدة آل غور إنه يشمل مجمل مساحة الدلتا البالغة عشرة آلاف ميل مربع ويتهدد بذلك حياة ثلثي سكان مصر الذين يقطنون تلك المنطقة موفرين 60% من غذاء المصريين مما ترده أراضيها من خيرات زراعية. بتفصيل أكثر يذهب التقرير إلى أن 20% من أراضي الدلتا ستختفي غرقا في غضون قرن من الزمن ما يعني أنه عند ذاك لن ترى أجزاء هامة من مدينتي الإسكندرية وبور سعيد على وجه البسيطة، ويرجع التقرير هذه التحولات المتوقعة أساسا إلى التغير المناخي الذي نتج عنه تمدد الكتل المائية في البحر بفعل ارتفاع الحرارة وارتفاع مستوى البحر بحكم ذوبان كتل جليدية كبيرة في القطبين وتكرر انهيارات هائلة للتربة في المناطق الساحلية الواقعة على ضفاف المتوسط إضافة إلى برامج تنموية لم تأخذ في الحسبان مقتضيات الحفاظ على البيئة. ظاهرة التآكل الساحلي التي يقال إنها تأتي على مساحات واسعة سنويا تتجاوز الهم البيئي الصرف لتضع على المحك مستقبل مصر كلها إذ تجد أم الدنيا نفسها بين مطرقة شح لمياه النيل سيبلغ 70% بعد خمسة عقود وسندان ابتلاع المتوسط لسلة غذائها الدلتا، مع ذلك أشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية لم تول الموضوع ما يستحق رغم أنه يمس في الصميم مواردها الفلاحية والصناعية والسياحية، على العكس من ذلك تغض القاهرة الطرف عن التهام حركة البناء للأراضي الخصبة في ظل نفوذ كامل لعوائل ثرية مستفيدة ذكر التقرير بعضها بالاسم.

[نهاية التقرير المسجل]

حجم الأخطار الحقيقية التي تتهدد دلتا النيل

خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الدكتور ضياء الدين القوصي الخبير بقضايا المياه والبيئة، ومعنا أيضا من عمان الدكتور سفيان عارف التل مقرر المجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ولكن نبدأ بهذه المداخلة أولا المداخلة الهاتفية من بوسطن مع خبير الفضاء العربي الدكتور فاروق الباز. دكتور فاروق الباز تابعت ما أوردته صحيفة الغارديان البريطانية، ما حجم الخطر الذي يتهدد حقيقة دلتا مصر؟

فاروق الباز: الخطر في حقيقة الأمر يكون كبيرا إذا ما كانت الكلمات التي قيلت صحيحة علميا، معنى ذلك أن القول بأن جزءا كبيرا من الدلتا سيغرق في خلال عشر سنوات هو نتيجة أن الناس تقول إن درجة الحرارة تزداد بحيث أن منسوب البحر سيرتفع خمسة أمتار ولكنه ليس في حقيقة الأمر هناك أي أساس علمي لهذا الكلام، نحن لا نعلم إطلاقا ما هو المنسوب الذي سوف يرتفع به سطح البحر نتيجة لارتفاع درجة الحرارة ودرجة الحرارة ترتفع على وجه العموم درجة واحدة درجة ونصف درجتين إنما إذا ارتفعت خمس درجات في عشر سنوات طبعا يكون هناك خطر شديد على الدلتا.

خديجة بن قنة: طيب يعني حتى التقرير الصادر عن اللجنة الحكومية للتغير المناخي والتي يرأسها نائب الرئيس الأميركي آل غور وضع دلتا مصر بين أكثر ثلاث مناطق في العالم معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار طبعا نتيجة ذوبان الجليد من القطبين نظرا لارتفاع حرارة كوكب الأرض، لماذا دلتا مصر بالتحديد؟

فاروق الباز: في حقيقة الأمر نتج ذلك لأن دلتا نهر النيل تغيرت في الأربعين سنة الماضية عدة تغييرات وتم نحر جزء كبير منها جدا ولكن هذا سببه هو بناء السد العالي ليس ارتفاع مستوى البحر لأن الترسيبات التي كانت تأتي سنويا مع نهر النيل التي كانت تحمي الدلتا من النحر في شمالها توقفت كلية وتماما فبدأ نحر جزء بسيط من الدلتا على جانبي فرعي النيل في رشيد ودمياط وظهرت أسباب تآكل سطح الدلتا ولكن هذا هو سببه الإقلال من ترسيبات نهر النيل، ليس لنا.. ليس.. أي سياسات في..

خديجة بن قنة: نعم، ربما يتقطع الصوت من المصدر، نعتذر لمشاهدينا سنعود إلى الدكتور فاروق الباز لاحقا، أنتقل إلى القاهرة والدكتور ضياء الدين القوصي، هل توافق الدكتور فاروق الباز ما قاله تحليله العلمي لهذه الظاهرة وهل فعلا هذه الظاهرة مقلقة وخطيرة بهذه الدرجة برأيك؟

ضياء الدين القوصي: هو لا شك أن العالم كله أجمع على أن تغير المناخ ظاهرة حقيقية واقعة إلا أن الاختلاف بين التقديرات المختلفة كبير للغاية، السبب في ذلك يعود إلى أن الدول المختلفة لديها نماذج رياضية وحسابية مختلفة لحساب التأثيرات المختلفة للانبعاثات من غازات الصوبا الزجاجية وطبعا أهم هذه الغازات هو ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون ينبعث بسبب إحراق الوقود الأحفوري سواء كان ذلك من النفط أو الفحم وطبعا الكميات التي يحرقها العالم أو التي حرقها العالم خلال الخمسين سنة الماضية يمكن تعادل عشرات المرات ما تم إحراقه منذ بدء الخليقة حتى الآن، إذاً القضية كلها بتنصب على انبعاثات الغازات الدفيئة وما تحدثه هذه الانبعاثات من زيادة في درجة الحرارة. تقدير الفرق بدرجة الحرارة الذي يمكن أن يحدث -كما تفضل أستاذنا الدكتور فاروق الباز- قد يكون درجة واحدة وقد يكون درجة ونصف وأما إذا وصلنا إلى الدرجات الكبيرة اللي هي أربع أو خمس درجات وهذه تقديرات قليلة جدا وستؤدي بالضرورة إلى ذوبان ملايين الكيلومترات المربعة من الجليد في القطبين وده حيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر. نأتي الآن إلى التقديرات التي نستطيع أن نقول إنها مناسبة ومعقولة، في معظم التقارير يقولون إن ارتفاع منسوب سطح البحر يزيد بمعدل حوالي 12، 13، 15 مليمتر في السنة، إحنا عندنا المشكلة مضاعفة هنا في مصر لسبب مسألة انضغاط الدلتا، الدلتا كان يأتيها كل سنة النيل محملا بالطمي وكان هذا يزيد من منسوب أراضي الدلتا بأجزاء من المليمتر كل عام، هذه الأعماق البسيطة اختفت الآن وحل بدلا منها انضغاط أراضي الدلتا نتيجة خروج الماء منها فبينخفض منسوب الأراضي في الدلتا وبيرتفع في نفس الوقت منسوب سطح البحر. التقديرات التي وصلتنا والتي يمكن أن نصدقها واللي يمكن عليها نوع من أنواع الإجماع بتقول إن مجموع الحركتين مع بعض ارتفاع سطح البحر وانخفاض الأراضي يصل إلى حوالي اثنين سنتيمتر أو عشرين مليمترا في السنة ومعنى هذا الكلام أنه خلال خمسين عاما سيكون هناك فرق متر واحد، المتر الواحد لا يكفي الحقيقة لإغراق هذه المساحات الهائلة من الدلتا لأن الدلتا كلها منسوبها أعلى من منسوب سطح البحر إلا بعض الجيوب في بعض المناطق المنخفضة، أنا أذكر أن هناك بعض المناطق في بور سعيد قد تكون هي المعرضة أكثر يمكن من الإسكندرية أيضا ولن تكون هذه الجيوب بهذه المساحات الكبيرة كما أتوقع ومن الممكن أيضا التغلب على هذه الظاهرة كما سأقول أو كما سيأتي وأتصور فيما بعد.

خديجة بن قنة: طيب، دكتور سفيان التل في عمان أنت.. يعني دعنا نخرج بالنقاش من دائرة دلتا مصر إلى دائرة أوسع عالميا، هناك حديث عن اختفاء بعد سنوات اختفاء جزر المالديف..

سفيان عارف التل: بعده بيحكي، مش سامع.

خديجة بن قنة: هل تسمعني دكتور سفيان؟

سفيان عارف التل: ما يزال هناك تشويش على الصوت.

خديجة بن قنة: نعم إن كنت تسمعني الآن، لنوسع دائرة النقاش إلى منطقة أوسع من دلتا مصر، نسمع بأن جزر المالديف ستختفي، هناك من يجري مقارنات بين ما سيحدث لدلتا مصر وبنغلادش، ما الذي يحدث في العالم؟

سفيان عارف التل: الحقيقة إذا سمحت لي بداية في صدى قوي جدا على الصوت..

خديجة بن قنة: لكننا نسمعك دكتور نحن نسمعك بشكل واضح جدا، تفضل.

سفيان عارف التل: طيب، يا سيدتي أولا دعينا نعد إلى مرجع المعلومات الأصلية فالهيئة الحكومية الدولة المعنية بتغير المناخ تقدم تقارير دورية منذ عام 2000 وحتى آخرها كان عام 2007 وأما بالنسبة ما يخص دلتا النيل نفسه فقد قدمت تقارير في بداية 1992، لدي جدول لا أستطيع أن أعرضه على الشاشة الآن ولكن يحدد نسبة ارتفاع المياه إذا كانت نصف متر أو متر إلى غاية ثلاثة أمتار ويحدد المساحة التي يمكن أن تغرق يمكن أن تكون 1750 كيلومترا أو 4500 كيلومترا ويحدد عدد السكان اللي يمكن أن يتعرضوا للهجرات من ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف إلى خمس ملايين تقريبا إلى ستة ملايين وهكذا. المناطق الثلاث المهددة في العالم واللي نصحح المعلومة للسيد آل غور الحقيقة هو بالغ عندما قال إنه ممكن أن يرتفع منسوب المياه إلى خمسة أمتار، هذه السيناريوهات لم تأت بهذا إلا إذا كان هناك وضع غير طبيعي جدا في ذوبان الثلج..

خديجة بن قنة (مقاطعة): أقصى حد للارتفاع هو؟ دكتور أقصى حد للارتفاع هو؟

سفيان عارف التل: أقصى حد للارتفاع، هناك كل السيناريوهات محتملة، المتوقع الآن أنه أعلى حد واحد متر، الواحد متر يغرق 4500 كيلومترا، يهجر خمسة ملايين وخمسمائة ألف من السكان. علينا أن نقارن للدائرة الأوسع اللي تفضلت وطلبتها، المناطق.. منطقة دلتا ابراهاما براترا اللي هي في بنغلادش ودلتا الميكونغ اللي هي في الهند الصينية هذه المواقع تغرق سنويا تقريبا وشاشة الجزيرة مشكورة تقدم عروضا واضحة عن الفيضانات التي تأتي في تلك البلدان. السؤال المهم المطلوب، ماذا على مصر أن تفعل؟

خديجة بن قنة: سنتحدث ما الذي يجب أن تفعله مصر في هذه الحالة؟ ما هي الاحتياطات اللازمة لتفادي المخاطر التي تهدد الدلتا؟ ولكن لنأخذ أولا وقفة قصيرة فلا تذهبوا بعيدا.

[فاصل إعلاني]

تداعيات الظاهرة والخطوات المطلوبة لمواجهتها

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم من جديد إلى حلقتنا التي نناقش فيها اليوم تقريرا علميا يحذر من مخاطر وشيكة تهدد دلتا مصر. دكتور ضياء الدين القوصي في القاهرة لنتحدث عن تداعيات هذه الظاهرة، تداعياتها البيئية تداعياتها الاقتصادية والإستراتيجية والأمنية لاحتمال غرق دلتا مصر كما تتحدث هذه التقارير العلمية نقلا عن صحيفة الغارديان؟

ضياء الدين القوصي: هو التعديات الفنية التي يمكن أن تحدث هي إغراق أجزاء من أراضي الدلتا وهي أراضي خصبة جدا قد يستدعي الأمر خروج بعض هذه الأراضي من الإنتاجية الزراعية يستتبع ذلك بالقطع تهجير بعض السكان في بعض المناطق، قد يستدعي الأمر أيضا إيقاف بعض المصانع التي قد تكون في المناطق المنخفضة، كل هذا يتوقف على -كما قلنا سابقا- العمق أو الزيادة التي سيزيدها منسوب سطح البحر وأيضا على مناسيب المناطق المنخفضة. أنا بدي أرد أيضا على الأستاذ العزيز من برنامج الأمم المتحدة للبيئة وأعيد ما قلته أولا وهو إن هناك العديد من النماذج الرياضية كل نموذج من هذه النماذج له افتراضات خاصة هذه الافتراضات الخاصة بتؤدي إلى نتائج مختلفة، هناك نماذج رياضية بتدعو إلى أن الخفض في الإيراد الطبيعي لنهر النيل قد يزيد عن 30% وهناك أيضا بعض البرامج الأخرى التي لها افتراضات مختلفة تقول بأن الإيراد الطبيعي للنيل قد يزيد بما يعادل 70%، إذاً المسألة حتى الآن مسألة ظنية فيها شك كبير لا نستطيع الجزم بما يمكن أن يحدث ولكن لا بد أن يكون لدينا سيناريوهات مختلفة لمواجهة أسوأ الافتراضات وأقل الافتراضات في نفس الوقت. ما ندعو إليه الآن هو دمج الخطط التنموية للبلاد في خطط الحماية والوقاية من الآثار السلبية لتغير المناخ بمعنى أنه إحنا إذا كنا بنتوقع زيادة منسوب سطح البحر فمن الممكن جدا أن يكون هناك أنشطة قريبة من الساحل ولتكن مزارع للثروة السمكية مثلا فإذا أنشأنا هذه المزارع للثروة السمكية علينا أن نرفع جسورها بالقدر الذي لا يسمح بطغيان مياه البحر عليها وإغراقها مثلا أو أن يكون أي إنشاء من الإنشاءات الجديدة مرتفعا وعاليا عن منسوب سطح البحر بالقدر الكافي الذي لا يمكن لهذه المياه الوصول إليه أو عندنا طريق ساحلي بيمتد من السلوم غربا وحتى رفح المصرية شرقا، هذا الطريق الدولي الساحلي علينا أن نرفع مناسيبه بحيث لا يسمح بإغراق الأجزاء التي تقع إلى الجنوب منه داخل دلتا نهر النيل وهكذا، دمج الخطط التنموية للبلاد مع الخطط التي تسمح بالتحكم ومكافحة أي نتائج سلبية لارتفاع منسوب سطح البحر أو التغير المناخي بشكل عام.

خديجة بن قنة: نعم تحدثنا قليلا عن التداعيات الاقتصادية، طبعا يجب أن نعلم أن ستين فئة من غذاء مصر يتم إنتاجه من دلتا مصر. لكن لنتحدث الآن مع الدكتور فاروق الباز، حدثنا قليلا عن التداعيات البيئية، ما هي التداعيات البيئية لهكذا ظاهرة؟

فاروق الباز: طبعا غرق جزء من ساحل الدلتا يؤثر كثيرا على بيئة مصر بأكملها لأن المنطقة سوف تغرقها مياه مالحة وهذه المياه المالحة ممكن أيضا أن تؤثر على ملوحة الأراضي في شمال الدلتا وكذلك ملوحة المياه الجوفية بالقرب من سواحل البحر فطبعا يكون هناك تأثيرات بالغة. ولكن لا بد أن نأخذ في الاعتبار أن بعض هذه الأرقام التي نتحدث عنها اليوم ربما يكون فيها مبالغة وفي نفس الوقت يجب أن نأخذ الحذر لأننا لم نقم بقياس مستوى سطح البحر الحالي وكيف تأثر حاليا لكي نتأكد من احتمال ارتفاع مستوى البحر لأن ذلك يؤثر على بيئة البلاد تأثيرا بالغا ليس فقط على مصر ولكن على جميع البلاد الساحلية فيلزم أن نأخذ الحذر ونقوم بما يكفي من الدراسات أما التهويل لدرجة كبيرة فمعظم الناس ومعظم الحكومات تقول إن هذا تهويل وإنه كلام فارغ ومش حنعمل حاجة ولكن إذا كان الكلام في داخل المعقول تقوم بعض الحكومات بعمل ما يلزم.

خديجة بن قنة: على ذكر ما تفعله الحكومات دكتور سفيان عارف التل وأنت كنت قبل الفاصل تريد أن تتحدث عما يجب أن تفعله حكومة مصر، كيف لها أن تتصرف في حال كهذه برأيك كيف يمكن مقاومة هذه التغيرات المناخية؟

سفيان عارف التل: يعني دعيني أولا أتحدث عن أبسط الاحتمالات يعني ندع التهويل على جنب وندع كل السيناريوهات المختلفة نأخذ أبسطها، أبسطها سيولد ثلاثة ملايين في الحد الأدنى ثلاثة ملايين إنسان مهاجر هؤلاء يحتاجون إلى ماء وغذاء وسكن وربما يتجهون إلى القاهرة سيخلقون فوضى اجتماعية هناك، تقارير الأمم المتحدة تقول بمصطلحات مؤدبة سيؤدي ذلك إلى فوضى اجتماعية واضطرابات اجتماعية يعني دعنا نقل ربما تؤدي إلى ثورات في البلدان لذلك على السياسيين أن يأخذوا الاحتمالات البسيطة على محمل الجد. دعنا نتعلم من هولندا، هولندا البلاد المنخفضة بنت أكبر سدود في تاريخ البشرية لصد طوفان البحر وقد تعرضت إلى طوفان بالرغم من أن هذا الطوفان جاءها من البر وليس من البحر إلا أن نسبة ارتفاع المياه المتوقعة حدثت واستطاعت ترحيل كل السكان بطريقة مؤدبة روتينية مضمونة ولم يحدث لديهم إلا ضحية واحدة فقط امرأة رفضت أن تخرج من بيتها فغرقت في الرمال والطين، الآن هل بدأت مصر تأخذ أبسط الاحتمالات على محمل الجد؟ هذه الاحتمالات كما قلنا هناك -وتحدث الزملاء قبلي- خراب زراعي فقدان للثروة الزراعية فقدان لمياه الشرب تهجير للسكان هجرات جماعية، كل هذه يجب أن تكون مأخوذة على محمل الجد ومصر تعج بالمتعلمين والمثقفين والمهندسين الذين لديهم القدرات الكاملة على وضع الخطط الضرورية لمواجهة مثل هذه الطوارئ. هل بدأ المطبخ السياسي بهذه الخطوات أم أنه ما يزال يركز على أن هناك تهويلا في الموضوع؟ إذا كانت صحيفة الغارديان قد كتبت تقريرها اليوم فهذا ليس جديدا علي فأنا كتبت به منذ عام 1992 وأعدت هذه السيناريوهات المختلفة لنسبة غرق الأراضي وهجرة السكان عشرات المرات في المؤتمرات وفي الصحف وفي الفضائيات حتى يستطيع العالم أن يقتنع بما هو قادم عليه، الآن في تقرير المنظمة الدولية أو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الأخير تقول إن الاحتمالات البسيطة جدا أبسط الاحتمالات هو عشرين سنتيمتر لغاية عام 2030 و 65 سنتيمترا لنهاية العام، ماذا يعني هذا؟ الآن الدراسات يجب أن تأتي من مصر لتقول كم هي المساحات الحقيقية التي ستغرق وكم عدد السكان الذين سيهجرون وإلى أين سيهجرون وهل اتخذت الاحتياطات اللازمة لذلك أم لا؟

خديجة بن قنة: شكرا جزيلا لك دكتور سفيان عارف التل مقرر المجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة كنت معنا من عمان، أشكر أيضا الدكتور ضياء الدين القوصي الخبير بقضايا المياه والبيئة كنت معنا من القاهرة، وأشكر أيضا خبير الفضاء العربي الدكتور فاروق الباز كان معنا عبر الهاتف من بوسطن. بهذا نأتي إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم كالعادة المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني
indepth@aljazeera.net
غدا بحول الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أطيب المنى وإلى اللقاء.

اللقاء على موقع قناة الجزيرة: اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *